الرئيسية / بحوث ومقالات / معركة تكريت تقلب الطاولة على أمريكا

معركة تكريت تقلب الطاولة على أمريكا

معركة تكريت تقلب الطاولة على أمريكا
مرت اكثر من تسعة شهور على غزو “داعش” للعراق واحتلالها محافظات الموصل والانبار وصلاح الدين وبعض المناطق من محافظتي كركوك وديالى، وارتكبت خلال هذه الفترة افظع واشنع الجرائم ضد الشعب العراقي بمختلف اديانه ومذاهبه وقومياته، وبحق الحضارة العراقية، دون ان يحرك ذلك امريكا للتصدي لهذا العدوان، رغم الاتفاقات العسكرية والامنية التي وقعها العراق معها .

خاص-شفقنا- بعد مرور شهرين او اكثر على غزو “داعش” للعراق، اضطرت امريكا، وبعد انكفاء خطر “داعش” عن بغداد واربيل، بعد الفتوى التاريخية التي اعلنها المرجع الديني الاعلى سماحة السيد السيستاني للعراقيين للدفاع عن ارضهم وعرضهم ومقدساتهم، ان تتدخل وبشكل استعراضي عبر تشكيل تحالف دولي ، معظم اعضائه متورطون في دعمهم ل”داعش” و القاعدة والمجموعات التكفيرية في العراق وسوريا، حيث اقتصرت مهمة هذا التحالف على شن ضربات جوية ضد مواقع واهداف ل”داعش” ، بينما على الارض كانت “داعش” تبتلع المزيد من اراضي في العراق.
كل القرائن على الارض اثبتت وبشكل لا لبس فيه، عدم جدية امريكا والتحالف الذي تقوده في محاربة “داعش” ، فقد اتضح ان الامريكيين ، ليسوا في وارد القضاء على “داعش” ، دون ان يكونوا راغبين ايضا في ان يتوسع ويشتد عوده اكثر من ذلك، والنتيجة كانت ان يبقى العراق في حالة من عدم الاستقرار لفترة من الزمن حتى تتضح معالم الخريطة السياسية الجديدة للمنطقة وفقا للرؤية الامريكية لها.
اما العناصر التي تؤكد هذه الحقيقة هي:
-عدم اطلاع الادارة الامريكية الحكومة العراقية على التحركات التي كانت تقوم بها “داعش” وتحشيدها لمقاتليها وهم بالالاف على الحدود السورية مع العراق ، رغم وجود طائرات تجسس امريكية  وعملاء على الارض ، يرصدون كل شاردة و واردة لتحركات “داعش”.
-رفض الادارة الامريكية التدخل عسكريا لمساعدة العراق لوقف تهديد “داعش” لبغداد ، وتحميلها الحكومة العراقية مسؤولية ما جرى ، واستمر هذا الموقف نحو ثلاثة اشهر.
-رفض تسليم العراق اي معدات عسكرية متطورة من جانب امريكا ، رغم توقيع العراق على عقود لشراء اسلحة من امريكا تقدر بمئات الملايين من الدولارات.
الاستراتيجية الامريكية في التعامل مع “داعش” في العراق ، كانت تقوم على مبدأ الحيلولة دون تسجيل انتصار حاسم في المعركة الدائرة بين “داعش” والعراق ، ظنا منها ان العراق سيبقى ينتظر ان تجد له امريكا مخرجا مما هو فيه، الا ان فتوى سماحة السيد السيستاني ودخول عنصر الحشد الشعبي في معادلة الصراع مع “داعش” ، الى جانب الدعم الاستشاري الذي قدمته ايران ، وجهت ضربة قاسية للاستراتيجية الامريكية.
لم يدر بخلد امريكا على الاطلاق ان يحقق العراق انتصارا عسكريا حاسما على “داعش” في اي معركة كبرى، للاسباب الامريكية التالية:
-لا يمكن لاي جيش يعمل بطريقة كلاسيكية ان يحقق نصرا قاطعا على مقاتلين يقاتلون بطريقة حرب العصابات.
-عدم قدرة الحكومة العراقية على  اتخاذ قرارات مصيرية ، كشن هجوم كبير على “داعش”، بسبب الاختلاف الموجود بين مكونات هذه الحكومة.
-ضعف تسليح القوات العراقية.
-اثارة حالة من الخوف والهلع بين ابناء المحافظات الغربية، حول احتمال قيام القوات المسلحة باعمال انتقامية ، في حال دخولها هذه المحافظات ، لوقوف بعض ابناء العشائر العراقية الى جانب “داعش”.
-شن حرب نفسية على قوات الحشد الشعبي و وصفها بـ”المليشيات الطائفية” ، وانها غير مرحب بها في المناطق الغربية.
-العزف على وتر الطائفية ومحاولة الايحاء ان اهالي المحافظات الغربية يفضلون “داعش” على قوات الحشد الشعبي.
-تجنيد شخصيات سياسية عراقية داخل العملية السياسية ،للتشكيك باي جهد عسكري يمكن ان يدفع شر “داعش” عن العراق.
لهذه الاسباب وهي مختلقة اساسا ، كانت امريكا تعتقد ان العراق سيبقى في دوامة من الفوضى، الى ان تقرر هي مصيره في المرحلة التالية ، بعد ان تصل المرحلة الاولى من استراتيجيتها الى مدياتها القصوى.
الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة العراقية وقوات الحشد الشعبي وابناء عشائر غرب العراق في محافظة صلاح الدين، قلبت الطاولة على الامريكيين بما عليها من استراتيجيات ومخططات ، ويمكن تلمس حالة التخبط الامريكي من خلال تصريحات رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، و وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر، حيث دأبا خلال الايام الماضية ، عن الاعراب عن قلقهما حيال وجود مستشارين عسكريين ايرانيين الى جانب القوات العراقية من جيش وحشد شعبي  في المعركة تحرير تكريت، معتبرين تواجد المستشارين الايرانيين وقوات الحشد الشعبي سيساهم في تاجيج النزاع بين “السنة والشيعة” في العراق وقد يجهض الحملة ضد “داعش”.
هذه الطريقة من الكلام “الطائفي الامريكي” !! ، تكشف مدى العجز الذي تشعر به امريكا، ازاء تطورات الاوضاع في العراق ، وهي التي كانت تعتبر خيوط اللعبة في هذا البلد بيدها تديرها كيف تشاء ، فاذا بالعراقيين يثبتون للعالم اجمع ، انهم ليسوا طائفيين، كما تريد امريكا ان تظهرهم ، فالجميع راى عبر شاشات التلفزيون ان من حرر اقضية صلاح الدين وباقي مناطق العراق الاخرى هم الشيعة والسنة والاكراد والمسيحيون والايزديون، وانهم اثبتوا ايضا ان بامكانهم هزيمة “داعش” ومن يقف وراءها، اتكالا على قواهم الذاتية دون الاستعانة بامريكا وحلفائها، وهو ما يفسر سر طلب الحكومة العراقية من امريكا عدم حاجتها لاي مساعدة عسكرية في معركة تحرير صلاح الدين، فجاءت الانتصارات عراقية خالصة، فهزموا “داعش” و وجهوا ضربة قاسية للاستراتيجية الامريكية ، ليس في العراق فحسب، بل في المنطقة برمتها.
**ماجد حاتمي – شفقنا

عن admin